
أفريقيا برس – المغرب. لا يتوقف الأمر بالنسبة للمغاربة، وخاصة النخبة، عند مناصرة القضية الفلسطينية لجهة أحقية الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة والاستقلال وإقامة دولته المستقلة، فذلك تحصيل حاصل ومن مسلّمات الوجود الفلسطيني.
التحليلات لا تتوقف برهة، خاصة بعد أن فضح “طوفان الأقصى” أكبر كذبة عرفها التاريخ الحديث، وهي “إسرائيل المظلومة”، و”إسرائيل القوة التي لا تقهر”. وبالنسبة لعبد الرحيم العماري، أستاذ التعليم العالي في التواصل السياسي، وعضو مختبر القانون العام وحقوق الانسان في كلية الحقوق في جامعة الحسن الثاني في مدينة المحمدية القريبة من الدار البيضاء، فإن “لعنة العقد الثامن تلاحق إسرائيل”.
وفي حديثه لـ “القدس العربي”، أوضح الأكاديمي المغربي أن عددا من السياسيين ومنهم رؤساء حكومات إسرائيل، ومشاهير في مجالات أخرى، تحدثوا عن لعنة العقد الثامن. إيهود باراك ونفتالي بنيت ونتنياهو (نفسه) أثاروا ذلك من باب الإيمان بموروث تاريخي لدولة الشعب اليهودي!”، وتساءل بصيغة النفي “هل يجد ذلك مرجعيته في التوراة والتلمود”، وجوابا على ذلك يؤكد العماري “أغلب مؤسسي الدولة الإسرائيلية لا يؤمنون بالمرجعية، لكن تصرفوا دوما بالإحالة إلى عقيدة (أرض الميعاد)!”، مبرزا أنه “اليوم، لا يكفّ الشارع الإسرائيلي عن ترديد رسالة: تزحزح عنها يا بيبي (أي بنيامين نتنياهو)، ستصيبنا بسببك لعنة العقد الثامن!”.
وجوابا على تساؤلات من قبيل “ماهي هذه اللعنة؟ وما مرجعيتها؟ وما خلفياتها؟” استعرض الناشط الحقوقي ضمن منظمات حقوقية وطنية ودولية،الرسائل السياسية بين سياسيين قياديين في إسرائيل حاليا، وجر الحبل المتواصل بينهم، ومنهم بيني غانتس، الذي كان قد أطلق “تهديدا بإسقاط الحكومة الإسرائيلية وتفكيك حكومة الطوارئ”، ويائير لابيد الذي “ما فتئ يردد: جنودنا يُقْتَلون كل يوم، ونتنياهو غارق في حساباته الشخصية.”
ومرّ الأستاذ الزائر في المعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، على الصحافة الإسرائيلية، وخاصة على “صحيفتي (هآرتس) (اليسارية) و(يديعوت أحرونوت)، التي حفلت “بإنذارات عن النتائج الوخيمة للحرب على غزة من قبل دولة الاحتلال الواقعة في قبضة نتنياهو (عن الليكود: اليمين الإسرائيلي) وبن غفير وسموريتريش (عن اليمين المتطرف).”
وبعد حديثه عن وصف نتنياهو لكلام غانتس بـ “المغسول”، تطرق إلى وصف بن غفير (وزير الأمن القومي) لغانتس (بالمخادع الكبير) الذي له هدف مرسوم منذ زياراته المتكررة للولايات المتحدة الأمريكية، والمتآمر الذي يرغب في تفكيك الحكومة”، وذلك بعد أن “فطن إلى أهم رسالة سياسية لغانتس عندما صرح: أقلية صَغيرة (يقصد الوزيرين بن غفير وسموريتريش) تسيطر على القيادة في إسرائيل، وتقودها إلى الهاوية والكارثة، وتعطل قرارات وإجراءات، بينما جنودنا يخوضون حربا ضروسا….أقلية سياسية تخوض في حسابات سياسية صغيرة بجبن وانعدام للمسؤولية”.
ويتابع عبد الرحيم العماري سبر أغوار “لعنة العقد الثامن” في إسرائيل، من خلال “مسار آخر”، يتعلق بـ “قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية” الذي “دمّر عمق ادعاء إسرائيل بأنها دولة ديمقراطية. دولة برئيس وزراء مشتبه به كمجرم حرب، وهو قرار يوضح الأكاديمي المغربي “بصريح العبارة: طلب اعتقال نتنياهو ووزير دفاعه، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، منها جريمة الإبادة الجماعية.”
وسجل أستاذ التعليم العالي في التواصل السياسي، “في هذا الصدد،نفاق الولايات المتحدة الأمريكية”، التي كانت “بالأمس القريب صفّقت لقرار المحكمة ضد فلاديمير بوتين”، و”اليوم، شجبت القرار نفسه ضد نتنياهو”، مشيرا إلى “أنها دولة غير عضو – لا هي ولا إسرائيل – في المحكمة الجنائية الدولية، وغير معنية بمبدأ الولاية العالمية الشاملة”، وأضاف موضحا “لا ننسى السبب: فهي متورطة في جرائم مثيلة وفقا للقانون الدولي إثر غزوها للعراق ولأفغانستان”.
و”الغرابة”، يقول العماري متحدثا لـ “القدس العربي”، “أن ما صرح به المدعي العام يوم 21 أيار/ مايو 2024 في حوار مع شبكة س إ ن إن كونه تلقى تهديدا من مسؤول أمريكي مفاده أن المحكمة الجنائية الدولية أسست لأجل إفريقيا وبلطجية مثل فلادمير بوتين، وليس ضد الغرب”، وحسب الأكاديمي المغربي، فإن “من شأن هذا التصريح، أن يدمّر ما تبقى من رصيد أخلاقي ومعنوي للولايات المتحدة الأمريكية.”
هذا من تجليات لعنة العقد الثامن على إسرائيل، التي يفيد العماري بأنها “أصبحت دولة منبوذة! “، خاصة أنها ” بعد يومين على قرار المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، ومن باب التحدي والاستهتار بالقانون الدولي، ترتكب إسرائيل مجزرة مروعة بحرق عشرات النازحين مساء الأحد 26 أيار/ مايو 2024، بقصف خيام نازحين قرب مقر أممي في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، ذلك وفقا لبيان الهلال الأحمر الفلسطيني وشهود عيان. لتنتشر صور وفيديوهات أطفال قتلوا حرقا تحت خيام أهاليهم. لم يرسخ كل ذلك سوى معتقد لدى الرأي العام الدولي بأن ” إسرائيل دولة منبوذة”.
والحال، يوضح المتحدث ذاته، “لن تقصر الذاكرة عن مجازر ارتكبت من قبل ومنها: تل الزعتر وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا. بل أصلا، تأسست الدولة على مسار عنيف، وإلا لن يقصر التاريخ عن ذكر مجازر وجرائم عصابات الهاغاناه التي قادها المؤسسون الأوائل للدولة الصهيونية قبيل سنة 1948”.
وحسب الأكاديمي المغربي، فإنه “يوما عن يوم، تتبلور مظاهر نبذ هذه الدولة” وذلك عبر “طرد سفراء إسرائيليين وسحب سفراء دول من إسرائيل”، و”مقاطعة تظاهرات إسرائيلية”، وأيضا “مقاطعة جامعات إسرائيلية أو تعليق التعاون معها”، و”مقاطعة عالمية لشركات داعمة للدولة الصهيونية”، ناهيك عن “قطع علاقات دبلوماسية مع إسرائيل”، و”تصاعد حملات مقاطعة التطبيع في العالم العربي”، أضف إلى ذلك “إدراج الأمم المتحدة قوات الجيش والأمن الإسرائيلي في (القائمة السوداء) المرتكبة لانتهاكات جسيمة ضد الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة سنة 2023′′، والعديد من المظاهر الأخرى التي تؤكد أن إسرائيل أصبحت دولة منبوذة.
ووصل الباحث المغربي إلى مربط الفرس، و”لعنة العقد الثامن أو متاهات دولة فصل عنصري، بأسطورة (جيش خارق) و(شعب الله المختار)”، ويستشهد بالتاريخ، مبرزا أنها “لم تصمد دولة للشعب اليهودي أكثر من ثمانية عقود، تجربتان في التاريخ حجتان: الأولى مع (الملك داوود) والثانية مع (سلالة الحشمونيين) تفككتا بعد العقد الثامن”.
وحسب العماري، فإن الأمر نفسه يسري على دولة إسرائيل اليوم، حيث “يقترب المشروع الصهيوني اليوم من عقده الثامن. وهو المذهبية الأساس للتجربة الثالثة”، ويعود إلى ما كتبه إيهود باراك سنة 2023 في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، حين تناول “اللعْنة ومذكِّرا بها، بسبب الكراهية العمياء بين اليهود أنفسهم. بينما صرح نتنياهو قبله بسنوات، بأنه سيجتهد كي تبلغ إسرائيل عيدها المائة. إذ علَّمه التاريخ أن دولة للشعب اليهودي لم تعمّر أكثر من ثمانين سنة. الحقيقة ذاتها سردها رئيس الحكومة السابق “نفتالي بينيت” في السنة الماضية، بسبب الصراعات الداخلية القاتلة والمريرة بين اليهود أنفسهم”.
ويتابع قائلا إن “كتاب (البيت الثالث) الصادر شهر أيار/ مايو 2021، لمؤلفه أرييه شافيت، الصحافي والباحث، يستفيض في التركيز على كون الإسرائيليين أمسوا العدو الأكبر لأنفسهم في العقد الثامن، مؤكدا أنه لن يكون هناك (بيت رابع)، إذ أن إسرائيل هي الفرصة الأخيرة للشعب اليهودي، بيد أنها تعيش حالة تفكك داخلي.”
وبالتالي، فإن “لعنة إسرائيل ومن ثم نبوءة عن زوالها”، عندما “تمسي أخطر على نفسها. خصوصا مع ما راكمته منذ خمس وسبعين سنة من الانتهاكات الجسيمة بحق شعوب المنطقة عموما، والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص”.
ويخلص الناشط الحقوقي إلى أن “نبوءة العقد الثامن أصبحت متواترة في الشارع الإسرائيلي مع (طوفان الأقصى) ولذا هجرها العديد، بمن فيهم المستثمرون، مما سبَّب نكسة كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس