نودع سنة منصرمة من عمرنا بكل ما حملته من خير وشر ونستقبل سنة جديدة بكل ما نعلق عليها من آمال وطموحات لما نريده لهذا الوطن، من حب ورفعة وعزة وشموخ وكرامة لأبنائه فوق أرضه متمتعين بالحرية والمساواة وسيادة العدل بأسمى تجلياته في سماء الوطن.
يمكن القول بدون مبالغة أن 2019، كانت سنة تردي بامتياز على جميع الأصعدة وأعني بذلك التردي السياسي والنضالي الذي تعيشه الأحزاب الوطنية، ذات الامتداد الشعبي ببلادنا، ولا أتحدث عن أحزاب الإدارة فهي لذلك خلقت أصلا ليعيش الحقل السياسي المغربي كما نشاهده اليوم، وبالتالي فإنه لم تعد لأحزابنا الوطنية أية حرمة، ولم يعد لمناضليها الشرفاء أية كرامة بالرغم من دورها الريادي في تحرير الوطن، وعطائها البارز في بناء الاستقلال.
المسألة الثانية التي تستأثر بالإهتمام ونحن نودع 2019، هو الانحدار الخطير في أحكام القضاء ولاسيما بالنسبة للحريات العامة، وكذلك حقوق الصحافيين بصفة خاصة، والتي تخصص لها مدونات في كل التشريعات العالمية وللأسف هذا أدى ليس فقط لاستياء عارم في المجتمع، بل أصبحنا للأسف نكتة على كل لسان في المنظمات الدولية ذات الصلة وهذا أمر مؤلم.
بالنسبة للمسألة الثالثة، فقد تم الإعلان مباشرة عن فشل المشاريع التنموية ويتم البحث عن إنقاذ مستقبل الوطن والأجيال بلجنة بكل أسف لا يستسيغ وجودها ولا جل مكوناتها كل من يحمل ذرة حب لهذا الوطن، بالرغم من أن مثل هذه اللجان أثبتت في تاريخنا لأسباب متعددة، أن جل قراراتها ومكوناتها أوصلت الوطن إلى هذا الانحدار الذي وصل إليه. أسجل أيضا هذا التراجع على كل المكتسبات الأساسية التي ضمنتها جل الدساتير المتعاقبة والقوانين التي نعتبرها كانت قمينة ببناء المجتمع المغربي الحر بكل مكوناته، ونحن اليوم نتساءل عن كل الضمانات الدستورية والمؤسسات التي تعاقبت، ودستور 2011؟ أين نحن في أرض الواقع على كل هذه المكتسبات والتضحيات الجسيم.
ولا أنسى أن هذه السنة، اعتبرها سنة مؤلمة ففيها استأسد علينا الاحتلال الفرنسي وفرض لغته في تعليمنا الوطني، كما يفرض علينا احتلاله المالي والاقتصادي منذ زمان، والمؤلم أن هذه المرة فرض علينا الاحتلال اللغوي، بقوانين تحت إطار الديمقراطية وتصويت البرلمان، وبكل أسف سجلت هذه السنة وصمة عار في وجه كل من يحب الوطن حتى يزول هذا القانون بكل آثاره، وهذا القانون مدمر للمستقبل كله لأنه يدمر تاريخ ولغة وحضارة شعب.
كما كانت 2019، سنة لتعميق اليأس والانتظارية، وتردي الأخلاق على جميع الواجهات، بل إنها سنة دفعتنا إلى طرح سؤال هل انعدمت الثقة؟ وهذا تفكير خطير، وبدون قسوة على الوطن يوجد شعور جماعي بالإحباط. أتمنى أن لا يقرر الله سنة 2019 مرة أخرى في مستقبل الأجيال ولكن نحن كمناضلين وطنيين وليس كفاعلين سياسيين لن نفقد الأمل في 2020، بالرغم من كون هذه السنة تحمل بين طياتها صفرين وهذا الأمل هو الذي يجعلنا نعيش من أجل رؤية وطن كما أراد له أبنائه البررة على الدوام، ولا يجب أن نفقد الأمل لأن 2019 كانت ضاغطة جدا، لذلك أتمنى أن تكون 2020 سنة أفضل لدى المغاربة، فالامر سهل متيسر، لذلك لا يجب أن نفقد الأمل، ولابد أن يكو ن هناك إيمان بمستقبل الوطن، والتحلي بالحكمة والرؤية الجماعية ورفع راية الحق والعدل والإنصاف في مواجهة الطغيان والفساد.