أثارت الطريقة التي ساعدت بها وزارة الخارجية المغربية، عشرات المهاجرين المغاربة العالقين في مدينة الجزيرة الخضراء الإسبانية، منذ يوم السبت الماضي، جدلا كثيرا، إذ اختلفت الآراء بين مستحسن ورافض للطريقة التي كان يوزع بها القنصل المغربي بالخزيرات، محمد رافوي، الأوراق النقدية على المهاجرين المغاربة لمساعدتهم على تحمل تكاليف العودة إلى إيطاليا بعد الأيام العصيبة التي قضوها في الخزيرات، إثر منعهم من الإبحار صوب ميناء طنجة، عقب إغلاق المغرب كل المعابر الحدودية البحرية والجوية والبرية يوم الجمعة الماضي.
في هذا الصدد، يُظهر مقطع فيديو انفردت صحيفة “الإسبانيول” بنشره، مساء يوم أول أمس الأربعاء، كيف أن القنصل المغربي صعد إلى إحدى الحافلات حاملا ظرفا أصفر به أوراق نقدية بقيمة 20 و50 أورو.
وبدا القنصل الذي كان مرفقا بأحد الموظفين المغاربة كما لو أنه يتفاوض مع سائق الحافلة حول إعادة المغاربة العالقين إلى إيطاليا، إذ منح 2000 أورو (20 ألف درهم) للسائق، وتتكون من أوراق من 20 و50 أورو، قبل أن ينتقل إلى توزيع ورقة نقدية بقيمة 50 أورو (500 درهم) على كل مسافر. وخاطب القنصل المغربي المسافر الأول قائلا: “هاك باش تعاون طريق”.
وفي محاولة من القنصل لتخفيف صدمة المسافرين بعد رفض السلطات المغربية نقلهم إلى طنجة، تلا عليهم الآية 216 من صورة البقرة قائلا: “وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ، وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”. أحد الركاب رفض تسلم المبلغ، لكن القنصل أصر قائلا: “لا صافي خرجات.. غير خذ، بالصحة والراحة”.
فيما توجه مسافر آخر إلى القنصل: “سعادة القنصل، أنا معنديش الوراق ديال إيطاليا”، أجابه السفير: “خذ.. هذه هي الفرصة باش تصوب الأوراق”. فيما ظل مسافران آخران يتساءلان عن مصدر تلك الأوراق المالية التي كان يوزعها القنصل، بين قائل إنها مساعدة من الدول المغربية، وآخر يقول إنها مساعدة شخصية من القنصل ورفاقه.
ويظهر القنصل، كذلك، في حافلة أخرى يحمل ظرفا أبيض، ويوزع 50 أورو على كل مسافر، كما حصل السائق أيضا على 2000 أورو. فيما قال أحد المسافرين: “نعسنا في الزنقة. والمحسنون هم من كانوا يزودوننا بالطعام”، وتابع آخر “الدولة تخلت عن مواطنيها.. بلادنا مبغاتناش”.
صحيفة “الإسبانيول” أوضحت أن القنصل أقنع 200 مهاجر مغربيا مقيما في إيطاليا بالعودة إلى بيوتهم بعد ثلاثة أيام من “التشرد” أمام القنصلية المغربية في الجزيرة الخضراء بعد إغلاق جميع المعابر الحدودية مع إسبانيا. وعاد هؤلاء المغاربة إلى إيطاليا في خمس حافلات.
وفي حالة صحة المعطيات التي أوردها المصدر، فإن القنصل قدم كمساعدة للسائقين الخمسة 10 ملايين سنتيم وللمسافرين 125 ألف درهم، أي ما مجموعه 225 ألف درهم
ورغم الطابع الإنساني للمبادرة الرسمية المغربية للتخفيف من معاناة المسافرين المغاربة، إلا أن الصحيفة خرجت بعنوان ينتقد موقف السلطات المغربية قائلا: “نعم، يشتري القنصل 200 مغربي عالقين في الخزيرات بسبب إغلاق الحدود بأوراق نقدية قيمتها 50 أورو”.