كومبارس المغرب.. شهادة خبرة 44 عاما

17

يعرف عبد الله أسماء المئات من الممثلين والممثلات كما يعرف أبناءه، يتذكر أيضا تدريباته مع زملائه على المواقف الصعبة: ركوب الخيل، أو مواجهة النار، أو الضرب بالسيوف، لكن أغلب الأحاديث التي يتقاسمها معهم تركز على البطالة شبه الدائمة التي يعيشها “فنانو الكومبارس” في واقع مضطرب، وفي ظل غياب أي حماية قانونية أو اجتماعية.
يقول عبد الله -الذي يقترب من إتمام عقده الثمانين “يلزمك من كل شيء لتصنع عالما”؛ إن الجميع يقدر دور الكومبارس في كل عمل سينمائي إبداعي.

يحنّ عبد الله إلى الماضي بعد 44 عاما من عمل الكومبارس في السينما المغربية. هذا ما تلاحظه حين تراه وسط بهو مبنى ثقافي بمدينة مراكش وهو يجلس بين زملائه يسترجع أيامه الماضية، يضع سبابته على وجه ممثل عالمي في صورة أرشيفية يظهر فيها هو أيضا بلباسه التقليدي المزركش. صور بين عشرات الصور التي يحتفظ بها في كيس بلاستيكي متين، كمن يريد أن يحمي ذكريات جميلة من الضياع.
بدأت صلته بالسينما مبكرا، إذ كان يبيع الساندويتشات خلال الاستراحة بين فيلمي عرض اليوم بجوار قاعة سينمائية. وكان يتسلل ليشاهد لقطات من الفيلم، مما رسخ في ذهنه صورا غرائبية ومشاهد فاتنة عن عالم غريب.
يصل زملاء آخرون إلى البهو تباعا، وتستمر الجلسة الحميمة ذات الشجون، يتابع عبد الله حديثه بنبرة حماسية كمن يلقي تحية عسكرية “الكومبارس يكون مصدر إلهام لكثير من نجوم التمثيل”.
يستذكر عبد الله -وقد أعاد جميع صوره الأرشيفية لمكانها- أن أول أجرة تسلمها كانت 120 درهما (12 دولارا ونصف) في اليوم، في حين يقول إن عدد أيام عمله في السنة تتراوح بين 12 و20 يوما.
ويحكي -والحنين إلى الماضي يجتاحه- كيف أن الممثل المغربي المشهور الراحل حسن الجندي عندما عانقه بحرارة بعد انتهاء مشهد مؤثر، في ما يشبه الاعتراف بقيمته الفنية. وهي الحكاية نفسها التي تتكرر مع كل كومبارس بأشكال متعددة.

وفي النهاية يشير عبد الله الى كون هذا المجال أصبح مرتعا للشللية والمحسوبية، فعدد من الأفلام تصوّر الآن في المدينة أو في الضواحي، لكنهم وجدوا أنفسهم خارج حساب المسؤولين عنها.