“البَال”.. الملابس الأوروبية ولع المغربيات

63

“فرصة ومناسبة، المعطف بخمسين درهم”، ينادي عبد الرحيم بصوته الجهوَري وسط “سوق الثوب” المعروف بمدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط، مقلّبا كومة من المعاطف اختلفت خاماتها وألوانها وجمع بينها السعر.
لم يمنعه الجو الماطر من عرض سلعته القادمة من وراء البحار والاحتماء تحت خيمة بلاستيكية لم تحمه من البلل، فلا يمكن لباعة الملابس المستعملة المعروفة بـ”البَال” أن يفوّتوا فرصة العمل خلال يومي السبت والأحد مهما كلَّفهم الأمر لانها أيام العطلة الاسبوعية.
وتصير الأصوات أعلى فيما تتنوع عبارات مدح جودة الملابس المعروضة وثمنها الزهيد، لتغوي جيوب الفقراء وتخاطب ذوق الميسورين ورغباتهم الجامحة في ارتداء ملابس جيدة بالرغم من كونها مستعملة، أما الأهم فهو أنها تحمل أسماء أرقى دور الأزياء الأوروبية والعالمية.
وبالعودة إلى المسار الذي تقطعه أطنان الملابس المستعملة أسبوعيا، انطلاقا من مختلف الدول الأوروبية ووصولا إلى الأسواق الشعبية في المغرب، مرورا بمدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما إسبانيا والخاضعتين لسلطاتها، يتضح أن هذه التجارة غير قانونية وتعتبر عملا غير نظامي.
يقول عبد الرحيم بلهجة واثقة “لولا ملابس البَال لما وجد عدد كبير من المغاربة ما يسترون به أجسادهم”، مضيفا “لمغاربة يُقبلون على البال من مختلف الفئات والأعمار، وتبقى النساء زبونات قارَّات ووفيات”.
التقطت الشابة خيط الكلام مؤكدة حرصها على زيارة محل عبد الرحيم نهاية كل أسبوع، في انتظار وصول “بالَة” (رزمة ملابس) جديدة، قد تجد فيها سروالا أو سترة أو معطفا في حال جيدة وقابل للاستعمال مدة طويلة، والأفضل من ذلك أن تحمل علامة عالمية وبثمن لا يتعدى ثلاثة دولارات أو أربعة.
العين الثاقبة والنفَس الطويل هما سرُّ الطالبة الجامعية في اختيار بعض قطع الملابس المستعملة، تقلّبها ذات اليمين وذات الشمال وتدقق في تفاصيل القطعة وعلامتها التجارية. وكم من مرة وقعت يداها على ثوب جديد غير مستعمل أبدا، أو فيه عيب خفي يجعل الشركة المنتجة تتخلص منه.