ما هو واقع البحث العلمي في المغرب؟

5

يأخذ البحث العلمي موقعاً متقدّماً، بين العناصر التي تؤثّر في تنمية وتطوّر المجتمعات. لا يبدو أن هذه الأهمية منعكسة بالشكل المطلوب في البلاد العربية حيث يظلّ البحث العلمي حلقة ضعيفة وإن كان الخطاب السياسي أو الثقافي المتداول لا يفتأ يشير إلى ضرورة الخروج من هذه الوضعية.
قد يكون المغرب البلد العربي الأعلى صوتاً في الحديث عن مسألة البحث العلمي، سواء على المستوى التنظيري أو العملي، فكثيراً ما نسمع عن مقترحات توظيف المعارف وتأهيل العنصر البشري في سبيل مواجهة تحديات العصر.
أما على المستوى المؤسساتي، فيمكن أن نذكر بعث “المعهد الجامعي للبحث العلمي”، و”المركز الوطني لتنسيق وتخطيط البحث العلمي والتقني”، و”المركز الوطني للبحث العلمي والتقني” وغيرها. جميعها تتقاطع تقريباً في المهام نفسها لكن لا تجد استراتيجية توحّد عملها، ناهيك عن شح الميزانيات المرصودة لها، وللبحث العلمي بشكل عام في المغرب، والتي لا تمكّنها من تحويل البحث العلمي إلى طاقة تحرّك بقية القطاعات.

فكيف هو واقع البحث العلمي داخل المغرب؟
يقول الأكاديمي والناقد نجيب العوفي: “البحثُ عن البحث العلمي في العالم العربي بعامّة، وفي المغرب بخاصّة، يشبه البحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة، حسب عبارة وليم جيمس الشهيرة عن الميتافيزيقا. في حال المغرب، يبدو سؤال البحث العلمي غائباً كأولوية لدى المسؤولين والماسكين بدفّة التسيير والتدبير والراسمين لخرائط الطريق الآنية والمستقبلية”. أمّا عن الأسباب فيقول “لعل أبسطها أن معظم المسؤولين ومن في أيديهم مقاليد الأمور والحلّ والعقد، لا علاقة لهم بالعلم والمعرفة ولا ترتبط التنمية لديهم بالشرط العلمي والمعرفي والثقافي على الإطلاق”. كما يضيف أن “هذه النخبة المسيّرة والنافذة هي في الأغلب الأعمّ ذات منزع بيروقراطي وتكنوقراطي من جهة، ومسكونة بالهاجس السياسي والاجتماعي الظرفي وسدّ الذرائع من جهة ثانية. وهذا ما يجعل مشاريع التنمية دائماً، تُراوح مكانها وتدور في حلقة مفرغة. وكل مشروع تنموي إذا لم يؤسّس على قاعدة علمية متينة، ودراسة دقيقة لمدخلاته ومخرجاته تذروه رياح الوقت هباء أو يبقى حبراً على ورق ومشروعاً ثاوياً في النوايا”.