لم يكن الحوار الذي خص به وزير خارجية المغرب السيد ناصر بوريطة قناة «الجزيرة» الأسبوع المنصرم من قبيل التمرين المعتاد، بالنظر إلى القناة أولا، التي لم تكن لها دوما علاقات جيدة مع أصحاب القرار بالرباط، ثم بالنظر إلى محتوى الحوار، وثالثا إلى توقيته، قبيل زيارة وزير خارجية روسيا سيغري لافروف للمنطقة، التي قادته للمغرب.
خلال هذا الحوار فقد رسم الوزير المغربي في حديثه ملامح توجه جديد في دبلوماسية المغرب، حيث أنه رسم معالم تصورات جديدة ومقاربة مغايرة. الثقافة السياسة المغربية تأنف من القطيعة، ولا تتأذى من التناقض، وتسعى أن تدبره ولو في شيء من الاعتساف. ما ورد في هذا التوجه الجديد رفض المغرب المشاركة في الاجتماع الذي دعت له بولونيا الشهر المقبل، حول السلم والأمن في الشرق الأوسط، قد يكون غطاء للتأليب ضد إيران، أو تكريس الأمر الواقع، أو رسم أحلاف جديدة لا مصلحة للمغرب فيه. وإذا لم يكن للمغرب أن يكون جزءا من الحل، فلينأى بنفسه عن أجندات تُرسم في منطقة الخليج في غيابه ولا تستجيب بالضرورة لمصالحه.
أما عن أزمة الخليج، فقد رسم القيّم على الدبلوماسية الموقف المعتدل، الذي تم التعبير عنه في البلاغ الذي صدر عقب اندلاع الأزمة، وفرض الحصار على قطر في ماي 2017. لم ينصع المغرب حينها لدعوة الحصار، ونادى بإصلاح ذات البين بين دول الخليج في إطار مجلس التعاون الخليجي.
في الوقت ذاته، وكان ذلك ضروريا، تحديد نوعية العلاقة مع إيران وأسباب الجفاء. فليس ذلك اصطفافا إلى جانب معسكر في إطار الحرب الباردة ما بين السُّنة والشيعة، بقدر ما هو دفاع عن مصالح المغرب الاستراتيجية، ولْيبقَ ذلك المعيار الوحيد في رسم العلاقة مع إيران.
وبنفس التوجه اتسم موقف الخارجية المغربية بالاعتدال حيال الملف السوري، فبرغم ان للمغرب وسوريا وشائج عريقة وأواصر علاقات عميقة، الاّ ان الشأن السوري الداخلي يهم السوريين. وذكّر وزير الخارجية بمواقف المغرب المبدئية من القضية الفلسطينية.