مكناس باريس بلاد المغرب تعيش مأساة ثقافية

93

مكناس باريس بلاد المغرب، هكذا كان ينعتها بل ويخطط لمستقبلها المستعمر الفرنسي في أوائل القرن العشرين. ولا غرابة إذ أن مؤسسها السلطان المولى إسماعيل العلوي (1645 -1727) جعل منها عاصمته السياسية مدى سنوات حكمه خلافا لباقي سلاطين الدولة المغربية، الذين لم تخرج عروشهم أبدا عن مثلث عواصم فاس أو الرباط أو مراكش.

تجدر الإشارة الى أن هذه المدينة بالرغم من عراقتها وارثها التاريخي العظيم عانت من التهميش الثقافي والاقتصادي، خصوصا منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي إلى اليوم، فعديد من الفضاءات الثقافية أصبحت متقادمة ويعود تاريخ بنائها إلى عهد الحماية مثل دار الشباب والمعهد الموسيقي بشارع محمد الخامس. وعرفت المدينة كذلك بعد تعاظم دور وسائط التواصل التكنولوجية الحديثة إغلاق ما يقارب عشر قاعات للسينما، كما تم مؤخرا تحويل فعاليات أشهر مهرجان وطني للمسرح والذي كان ينظم في مدرجات حديقة الحبول إلى مدينة تطوان شمال المملكة، إلى غير ذلك من الانتكاسات الثقافية، رغم تواجد العديد من المثقفين والفنانين فيها، مثل الأكاديميين المسرحيين حسن المنيعي وعبد الرحمان بن زيدان، والشعراء عبد السلام الزيتوني وعلال الحجام وبنسالم الدمناتي والزجالين محمد بنعيسى ومحمد الراشق، والمطربة العربية الكبيرة عزيزة جلال والمطرب فؤاد الزبادي والإعلامي مصطفى العلوي ومليكة الملياني الشهيرة بلقب السيدة ليلى وغيرهم.

ان واقع المدينة الثقافي يحزّ في النفس لاسيما أن مكناس مدينة متفردة ونادرة، وكما يقول السيناريست والروائي عبد الإله الحمدوشي، مدينة “مكناس خليط من السحر والخرافة والتاريخ. مدينة يحرسها الأولياء، وهواؤها عابق بالنعناع. وماؤها قامت من أجله معركة تسمى معركة ماء بو فكران. معركة الكرامة التي خاضها المكناسيون إبان الاستعمار من أجل مائهم العذب الزلال. المعركة التي لم تتوقف وباتت اليوم معركة من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية”.