يمثل الإعلام الرقمي، تحديات كبيرة على مختلف المستويات، سواء بالنسبة للصحافة ولكل مجالات التواصل، بالإضافة إلى التحول السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، الذي تبدو آثاره واضحة، في الحياة اليومية، وهو تحول لن يتوقف، بل سيتطور ويتخذ أشكالا ونماذج متجددة، كلما تطورت التكنولوجيات الحديثة، وهو ما يدفع نقابات الصحافيين إلى التفكير في كيفية وأساليب تأطير العاملين في الإعلام الرقمي وحماية حرية الصحافة، من جهة، واحترام أخلاقيات المهنة وحقوق التأليف من جهة أخرى.
وقد كان هذا الموضوع، مجالاً للتداول بين قيادات نقابات الصحافيين، في العالم العربي، خلال اليومين الماضيين، في مراكش، بتنظيم من طرف الفيدرالية الدولية للصحافيين وفريدريك إيبرت، من أجل النظر في مختلف الإشكالات التي يثيرها الإعلام الرقمي.
ويمكن القول، إن القضايا التي تمت مناقشتها، تتشابه بين كل البلدان العربية، ويطغى عليها إشكال الهشاشة التي يتميز بها هذا القطاع، الذي يشغل عددا هاماً من الشباب، لكن دون موارد مالية وبشرية كافية، مما يهدد وجودها وجودة المحتوى الذي تنتجه. وقد ناقش المشاركون في اللقاء ضرورة دعم هذا الإعلام من طرف ميزانيات عمومية، في إطار دعم التحول الرقمي، وحماية
مهنة الصحافة، لكن هذا لا يعفي النقابات من المساهمة في حماية القطاع، عبر عدد من الآليات والمقترحات، التي تٓمّ تجريبها في بلدان أخرى، لكن كل هذا يعني أيضا تحولاً في أدوار النقابات ووظيفتها.
ومن التحديات التي تواجهها النقابات في الإعلام الرقمي، الدور الذي تلعبه المحركات الكبرى، التي أصبحت تنتج مضمونا صحافيا، وهي تتوفر على إمكانيات هائلة، بالإضافة إلى أنها مدعمة أيضا بالذكاء الاصطناعي، الذي يتدخل أيضا في هذا العمل، الأمر الذي ينبئ بأن مهنة الصحافة، التي تعودت عليها المجتمعات، قد تتحول هي بدورها، إذ يسير العالم نحو هيمنة المحركات الكبرى والشركات العالمية التي تستثمر فيها، ويكمن خطر الهيمنة في توجيه الرأي العام، بشكل أكثر قوة من السابق.