التظاهرات الثقافية المغربية ما بين الهويّة والواقع

25

يشهد المغرب، في السنوات الأخيرة، حراكاً لافتاً على مستوى التظاهرات الثقافية والفنية؛ حيث أضحت العديد من مدنه تحتضن مهرجاناتٍ وفعاليات وطنيةً وعربية ودولية مختلفة؛ يندرج بعضها ضمن ما يُعرف بالسياحة الثقافية، ويخرج الآخر من الفضاءات المغلقة إلى الشارع. كما ظهرت مؤسّسات جديدة ألقت بثقلها في المشهد الثقافي المحلّي، بما باتت تنظّمه من فعالياتٍ أدبية وفكرية ومسرحية وسينمائية.
لكن، إلى أيّ حدٍّ تؤثّر هذه التظاهرات في المشهد الثقافي؟ وهل يصل هذا التأثير، إن وُجد، إلى الجمهور؟ وهل تُسهم في التوعية بدور الثقافة بمختلف أشكالها في المجتمع؟ وأخيراً، هل تمتلك التظاهرات الثقافية هويةً خاصة وإستراتيجيةً واضحة تمكّنانها من الاستمرار وتحقيق أهدافها؟
في هذا الاطار تُشير الأكاديمية والناقدة المغربية، خديجة توفيق، إلى تزايد التظاهرات الثقافية في المغرب لتشمل مجالات مختلفة، بدءاً بالأدب والسينما والموسيقى، وصولاً إلى التراث والفنون الشعبية وفنون الطبخ، مع وجود أبعادٍ مختلفةٍ بين محلّي وأفريقي وعربي ودولي. كما تضيف أنه “من شأن هذا التعدّد أن يُحدث دينامية في المشهد الثقافي المغربي، وتأثيراً في الأنساق والأذواق. غير أن الدينامية تتثاقل والتأثير يتقلّص، بسبب ما يشوب تلك الفعاليات من أعطاب”.

وتذهب مديرة نشر مجلّة “روافد ثقافية” المغربية، فاطمة الميموني، إلى أن كثرة الأنشطة الثقافية والفنية لم تُسهم في تحقيق تداولية أوسع للثقافة داخل المجتمع، ولا في رفع نسب القراءة، بسبب “عدم ربط المشاريع الثقافية بمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وغياب سياسة ثقافية وبنية تحتية ملائمة لإنجاح المشروع الثقافي”.

وتضيف رئيسة “منتدى روافد للثقافة والفنون” أن المهرجانات الثقافية والفنية تأخذ، على كثرتها وتنوّعها، طابعاً فرجوياً وسياحياً في الغالب، ولا تُعبّر عن الوجه الحقيقي للثقافة والفن المغربيَّين. كما تفيد أنه “لا يمكن الحديث عن تنمية ثقافية من دون إشراك الإعلام ومكوّنات المجتمع المدني في وضع البرامج والسياسات الثقافية، وتفعيل دور المدرسة والجامعة باعتبارهما طرفاً رئيسياً في تشكيل الواقع الثقافي”.