القطار السريع في المغرب: قرار صائب؟

71

توجد تصورات متعددة للتنمية، وتعتمد كل دولة على مخططات قد تقودها إلى الرقي، وأخرى تخطأ الوجهة. وتوجد كتابات متعددة حول الموضوع ومن أبرزها “لماذا تفشل الدول، جذور السلطة والرفاهية والفقر” لمؤلفيه دارون أسيموغلو وجيمس روبنسون، ومنها تبني مشاريع قد تأتي بنتائج سلبية.
ويسعفنا مثال من المغرب لفهم معضلة بعض القرارات التي تعكس في البدء تقدما، ولكنها في العمق تحمل فشلا. فقد أصبح المغرب يتوفر على قطار سريع، وهو من الدول القليلة في العالم، لكن مع تدشين القطار السريع ما بين طنجة والدار البيضاء منذ أسابيع، يتفاجأ الرأي العام بارتفاع مديونية قطاع السكك الحديدية من 900 مليون دولار سنة 2010 إلى قرابة أربعة مليارات دولار. الأرقام المقلقة تدفع إلى التساؤل: هل المغرب في حاجة ماسة إلى القطار السريع وهل ويتماشى ومفهوم التنمية الحقيقية التي تحتاجها البلاد؟
تباهت الدولة المغربية بإنشاء القطار السريع، واعتبرته سبقا في إفريقيا والعالم العربي، وعلامة متميزة ودالة على تقدم المغرب، لكن في العمق تصور الدولة قائم على مفهوم غير صائب للتنمية المرجوة. وهكذا، قرار إنشاء القطار السريع، والمكلف غاليا جدا، هو قرار صادر عن الدولة، وليس قرارا جرت بشأنه استشارة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والهيئات، التي تعبر عن نبض المجتمع، وقد رفضت أحزاب وهيئات، بل أصوات من المربع الضيق للسلطة فكرة القطار.
ولكن من جهة أخرى، كلّف القطار ميزانية تصل إلى ثلاثة مليارات دولار، وهذا يعني قرابة 3% من الناتج القومي الخام للمغرب، علما أنه بخدمة الدين قد تصل ميزانية القطار السريع إلى ما يفوق أربعة مليارات دولار مستقبلا، خاصة إذا لم تتحقق نسبة المسافرين المخطط لها.  .
اما اجتماعيا، في كل الدول التي أنشأت القطارات السريعة، يمتلك مواطنوها سواء العاملين أو العاطلين أو المتقاعدين القدرة الشرائية على اقتناء تذكرة السفر، هذا لا يحدث في المغرب، حيث لا يوجد تعويض على البطالة وتوجد معاشات لبعض المواطنين ومنهم الأرامل لا تتعدى 200 درهم في الشهر (20 دولارا)، أي الحد الأدنى لتذكرة السفر في القطار السريع. مما يعني وجود شريحة مهمة من المواطنين لا يمكنها ركوب هذا القطار.