علال الفاسي : ذكرى ميلاده ومفاهيمه

68

لا تزال أفكار المناضل والمنظّر المغربي علال الفاسي (1910 – 1974) الذي تمرّ اليوم ذكرى ميلاده، تثير الجدل على أكثر من صعيد، فهناك من يرفض رؤيته في التعريب بدعوى انه يناقض التعدّد الثقافي واللغوي في المغرب، وهناك من يرى قيوداً تحدّ مقارباته في تجديد التراث الديني وعصرنته.
معظم المؤيدين والمعارضين لصاحب كتاب “مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها” ينطلقون من محاكمتهم لبعض آرائه ومواقفه هنا وهناك من دون قراءة مشروعه في سياقه ومرحلته، فالرجل كان أحد أركان الحركة السلفية التي كان غالبية أعضائها ينتمون إلى فئة كبار الموظفين والتجار والعائلات الأرستقراطية في الحواضر العتيقة مثل فاس ومكناس والرباط.

وتجدر الإشارة الى ان دعوات السلفيين الأوائل تمركزت حول إصلاح “دولة المخزن” التي حكمت المغرب منذ قرون، أو إصلاح يخصّ الطبقة الاجتماعية التي ينتسبون إليها بعد أن أحسّوا تضرّر مصالحهم ومكانتهم مع مجيء المستعمر الفرنسي، لكن الصورة الأشمل جاءت بها دعوة هذا المنظر بإصلاح على أساس وطني يعتبر الأمة مصدر السلطات.
وبناء على ذلك، فإن على الأمة أن تنهي الاحتلال الأجنبي حيث انخرط في صفوف المقاومة وسُجن ونُفي أكثر من مرّة، وأن تبني استقلالها الحقيقي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافي، وربما بدت دعوته إلى تبني العربية لغة رسمية وفي التعليم للبعض تعبيراً عن “عنصرية”، ولم تُستوعب كاجتهاد بناء الدولة/ الأمة التي توّحدها لغة وهوية ومشروع حضاري، بالرجوع إلى تنظيراته ذاتها التي لم ير تناقضاً بين تمسكّه بالعربية وبين الانفتاح على الفرنسية وعدم التخلي عن اللهجات الدارجة.
يشبّه المفكر المغربي عبد الله العروي نموذج الفاسي بالفيلسوف الألماني هيغل في رؤيته الشمولية ونقده الديني، وأنه “قد سعى إلى تطوير الفكر المغربي دون أن يسقط في مماثلة مستحيلة، فهو يقرأ التراث بعين الحاضر ويراجعه في ضوء الأسئلة المطروحة، مما أفضى إلى إضفاء طابع مقاصدي يصدر عن عقل مقاصدي يفكر ويبدع رؤيته الخاصة”.