منذ أيام قليلة، اختار وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قناة الجزيرة، ليعلن أن بلاده لم تعد مشاركة في ما سمي “التحالف العربي” الذي يقود حربا مدمرة ضد اليمن وشعبه منذ نحو أربع سنوات. وفي اختياره القناة القطرية “المزعجة” لأنظمة الخليج تكون رسالة المغرب التي أراد أن يبلغها للتحالف السعودي الإماراتي الذي يقود فعليا الحرب في اليمن قوية، وذات أبعاد سياسية ستكون لها تداعياتها فيما هو آتٍ من الأيام.
وفي هذا الصدد قال الوزير المغربي إن انسحاب بلاده من التحالف، المتهم حسب تقارير منظمات حقوقية دولية بارتكاب جرائم حرب في اليمن، جاء بناء على ثلاثة أسباب، حدّدها في التطورات على أرض الواقع، وفي طريقة تدبير التحالف، وأخيرا، في تقييم المغرب للتطورات في اليمن. وفي هذه الأسباب إشاراتٌ إلى الانتقادات التي توجه اليوم إلى التحالف السعودي الإماراتي من منظماتٍ حقوقية عديدة، ومن دول أوروبية ديمقراطية، ومن منظمة الأمم المتحدة نفسها، وكلها تجمع على أن الحرب في اليمن التي شنّت بهدف “إعادة الأمل” تحولت حربا مدمرة قتلت الآلاف، وشرّدت وجوعت الملايين.
وإزاء هذه الحرب يستحق قرار المغرب الإعلان، عن انسحابه من حربٍ قذرة، التوقف عنده لإعادة التفكير في العلاقة المغربية الخليجية، وخصوصا مع السعودية والإمارات، انطلاقا من تأكيد المسؤول المغربي على أن سياسة بلاده الخارجية تقوم على مبدأ “الاستقلالية”، وأنه يرفض “سياسة الاصطفاف” التي تريد أن تفرضها هاتان الدولتان على باقي الدول العربية: “إما معانا أو ضدنا”.
وبعيدا عن اللغة الدبلوماسية لوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، آن الأوان لوضع النقاط على الحروف، فيما يخص علاقات المغرب مع الدول الخليجية التي يغلب على أكثرها النفاق والمجاملات. وفيما يخص العلاقة مع السعودية، فإنها تحتاج، أكثر من أي وقت مضى، إلى وقفة تفكير وتأمل عميقيْن، إذا أراد البلدان بناء علاقاتٍ حقيقيةٍ تقوم على احترام السيادة واستقلالية القرار. ولا ينبغي أن تحوّل المصالح، مهما كان حجمها، عن طرح الأسئلة الحقيقية التي يمكن أن تعيد بناء هذه العلاقة على أسسٍ صحيحةٍ قائمة على الاحترام المتبادل.