
أفريقيا برس – المغرب. وجَّه حزب “العدالة والتنمية” المعارض انتقادات شديدة اللّهجة للحكومة المغربية، واتَّهمها بـ”الارتباك في تنفيذ العديد من البرامج الاجتماعية والعجز عن إيجاد الحلول والبدائل للمشاكل الاجتماعية الكثيرة التي يتخبط فيها المواطنون والمواطنات، والتأخر والفشل في تنزيل وعودها الكبيرة، ولاسيما تلك المتعلقة بملف التشغيل، والعجز عن معالجة مختلف الأزمات المتفاقمة مثل التوقف المستمر للدراسة بكليات الطب والصيدلة لمدة تناهز 10 أشهر، والارتباك الكبير الذي تشهده المحاكم المغربية في ظل صمت الحكومة وعجزها عن التفاعل مع احتجاجات الشغيلة بقطاع العدل”.
وخاطب الحزبُ رئيسَ الحكومة عزيز أخنوش بشكل مباشر، ودَعاهُ إلى “الخروج عن صمته والتفاعل والتواصل بسرعة وفي الحين وعدم استصغار الآثار السلبية الناتجة عن غياب التوضيح في الوقت المناسب بخصوص ما يثار حول العديد من الاستراتيجيات العمومية والأموال العمومية الكبيرة التي خصصت لها بمئات ملايير الدراهم وضعف فعاليتها وإنتاجيتها وغياب أثرها الملموس على تحسين ظروف ومستوى عيش المواطنين في هذه المناطق”.
وقال بيان صادر عقب اجتماع استثنائي للأمانة العامة للحزب الإسلامي المعارض، إن ما شهدته مدينة الفنيدق (شمال البلاد) يوم 15 أيلول/سبتمبر الجاري من محاولة للهجرة الجماعية من طرف مجموعة من الشباب والقاصرين، استجابة لنداء مجهول جرى ترويجه عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وما رافق ذلك من تصريحات وتداول للعديد من الفيديوهات والصور الصادمة للرأي العام، يتطلب “الكشف عن نتائج التحقيق الذي أعلنته النيابة العامة بخصوص مصدر هذه الفيديوهات والصور ومدى صحتها، وترتيب الجزاءات اللازمة”.
وأكدت الأمانة العامة أنه “في ظل هذا الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الصعب لا يمكن للحكومة أن تستمر في الاشتغال بمنطق التهاون والاستخفاف بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها والاستمرار في تمجيد الذات، وتجاهل الواقع المعيش للمواطنين والمواطنات، وضرورة قيامها بكامل أدوارها في التواصل وإيجاد الحلول للأزمات المتتالية التي تعرفها مختلف القطاعات والمجالات. كما يجب أن يتوقف بعض وزرائها عن إذكاء عناصر تأجيج وتأزيم الوضع لدى بعض الفئات، ما يؤثر على الرأي العام وعلى السير العام والعادي للمرافق العمومية والخدمة العمومية”.
وأفاد الحزب أن أحداث الفنيدق تستوجب من الحكومة “التَّحلي بالمسؤولية والتواصل بالصراحة والموضوعية” بخصوص الوضع الاجتماعي والاقتصادي والمالي بالمغرب، عِوض التصريحات المستفزة والمؤججة للأوضاع التي يرددها في كل مرة رئيس الحكومة بأن هذه الحكومة حققت “ثورة اجتماعية غير مسبوقة، وأنها حققت في نصف ولايتها “ما يفوق كل التوقعات والانتظارات”، في تجاهل تام للواقع الاجتماعي الذي يطبعه تصاعد معدلات البطالة ولاسيما في صفوف الشباب.
واعتبر البيان أن ما آلت إليه الأوضاع بالمغرب من “تزايد منسوب انعدام الثقة في المؤسسات والتراجع عن الانخراط في الحياة العامة وعن الاهتمام بالسياسة هو تجلٍّ طبيعي لحالة الانزياح عن المسار الديمقراطي والتي شكلت لحظة “البلوكاج” (العرقلة) السياسي لسنة 2016 انطلاقته، وبلغت لحظة انتخابات 08 أيلول/سبتمبر 2021 ذروته، والذي أنتج حكومة ضعيفة ودون سند شعبي وَوَلَّدَ شعوراً عاماً لدى المواطنين والمواطنات، ولاسيما في صفوف الشباب، بعدم جدوى العمل السياسي والحزبي والمشاركة السياسية والانتخابية، وخلّف حالة من اليأس والنفور لدى الشباب بصفة خاصة”.
وخصَّت الأمانة العامة لحزب “العدالة والتنمية” أحزاب الأغلبية بانتقادات شديدة، واعتبرت أن “بِنيَة الهيئات المسيرة لبعض الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة والقائمة على الصراع حول مواقع النفوذ السياسي والمالي، وتوالي الفضائح لدى عدد كبير من أعضائها وداخل هيئاتها، تساهم في فقدان الثقة وتؤكد على ما سبق أن نبَّه إليه الحزب من خطورة هذا التجمع التحكمي القائم على منطق غريب عن الممارسة السياسية النبيلة، والذي يكرس الهيمنة والسلطوية والهرولة نحو المواقع الحكومية والجماعات الترابية (المجالس البلدية) لتحقيق المآرب الشخصية غير المشروعة وتغييب المصلحة العامة ومصالح وهموم المواطنين والمواطنات”.
ومن أجل تصحيح هذا الوضع، اقترح الحزب المعارض بث نفَس سياسي وديمقراطي وتنموي جديد يُعيد الثقة في المؤسسات وفي العملية السياسية وفي جدوى الانخراط في العمل السياسي والحزبي والمدني ويُنعش الشعور بالانتماء للوطن والأمل في المستقبل، وهو ما يقتضي إعادة الاعتبار للأحزاب السياسية الحقيقية واحترام الإرادة الشعبية الحرة بما يعيد الثقة في المؤسسات المنتخبة ديمقراطياً. كما يقتضي تكريس تقيد الجميع بالتنفيذ الكامل والفعلي لكل المقتضيات الدستورية، والعمل على تطبيقها وفق روح وحماس وأجواء لحظة صياغة الوثيقة الدستورية، مع العمل الجاد على إيجاد الحلول والآليات والبرامج والمشاريع الكفيلة بالاستجابة لانتظارات المواطنين والمواطنات والشباب منهم خاصة.
ونبَّه الحكومة إلى ضرورة الإسراع في معالجة الإشكالات المتعلقة بتنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، وتدارك البطء الكبير الذي يشهده هذا البرنامج والذي يلخصه تمكن قرابة 1.000 أسرة فقط من إنهاء أشغال إعادة بناء وتأهيل منازلها، من أصل أكثر من 50.000 منزل معني.
ووجّهت نقابة “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، سؤالاً كتابياً إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش حول موضوع “الهجرة الجماعية لشباب وأطفال مغاربة نحو مدينة سبتة المحتلة، حيث ساءلت رئيس الحكومة عن الأسباب الحقيقية وراء الهجرة الجماعية للشباب المغربي نحو الخارج، وعن الإجراءات والتدابير التي يعتزمون اتخاذها لوضع حد لهذه الظاهرة التي تدفع بهم للمخاطرة بحياتهم.
وتحولت مدينة الفنيدق المحاذية لمدينة سبتة المحتلة (خاضعة للإدارة الاسبانية)، إلى مسرح لأحداث غير معتادة، بعد أن امتلأت شوارعها بمئات الشباب والأطفال القادمين من مختلف أنحاء البلاد، رغبة في العبور إلى مدينة سبتة المحتلة، “ما أثار تساؤلات بشأن الدوافع والأسباب التي حملت هؤلاء الصغار للمخاطرة بحياتهم في رحلة محفوفة بالمخاطر”، تقول النقابة. ولفت إلى التقرير الصادر قبل شهور من طرف “المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي” حول وضعية ملايين الشباب المغاربة، حيث دق ناقوس الخطر حول وضعهم الاقتصادي والاجتماعي، “ما يستوجب اتخاذ سياسات قطاعية دقيقة موجهة للشباب لاستيعاب الأرقام المليونية من البطالة التي لا تجد أمامها إلا الهجرة كحل جذري لمشاكلها”، وفق ما ورد في سؤال النقابة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس