تتوالى تصريحات قيادات من البيجيدي مؤخرا حول احتمال التحالف مع الأصالة والمعاصرة في الانتخاباتالتشريعية 2021، فهل هذه رسالة موجهة لحزب التجمع الوطني للأحرار، حليف البيجيدي في الحكومة ومنافسهالقوي في الانتخابات المقبلة، أم هي مجرد مناورة سياسية؟ وهل غيّر الحزب موقفه من البام، الذي كان يعتبره “خطاأحمر“، خاصة بعد تحالفه معه لتشكيل مجلس مدينة طنجة؟ ففي تصريح مثير له في برنامج “نقاش في السياسة“،في موقع هيسبريس، أمس الأحد، قال بوانو إن حزبه “يلمس أن البعض في الأصالة والمعاصرة يتجه إلى معالجةالتشوهات، وسيصبح حزبا وطنيا كباقي الأحزاب“، مؤكدا أنه “إذا انتفت فيه العناصر التي جعلت منه حزبا للتحكم،فلا مشكلة لنا في التحالف معه“. ولكنه دعا البام إلى القيام أولا، “بنقد ذاتي” ومعالجة ما وصفها بـ“تشوهاتهالخلقية“، أي معالجة ظروف نشأته في حضن السلطة وتوجهاته القائمة على محاربة البيجيدي. ومن جهته، لوحسليمان العمراني، نائب الأمين العام للبيجيدي، بإمكانية التحالف مع البام، حين قال في تصريح لموقع “ميديا 24″،بشأن احتمال التحالف مع البام بأن “كل شيء ممكن في 2021″، مؤكدا أن هناك تحالفا مع الأحرار في الحكومةالحالية، في حين أن البام في المعارضة، لكن في 2021، “سيكون الأمر مختلفا“.
وتشكل هذه المواقف تطورا في توجهات البيجيدي، الذي كان يعتبر التحالف مع البام “خطا أحمر“، بسبب الصراعالذي عاشه الحزبان منذ تشكيل البام سنة 2008، ورفعه شعار الحرب ضد الإسلاميين، والمواجهة الحامية التيدخلها الطرفان، منذ انتخابات 2009، و2015 و2016. إلا أن قراءة هذه المواقف يجب أن تستحضر ثلاثة تطوراتأساسية، أولها، تراجع حزب الأصالة وتفككه وانشغاله بصراعاته الداخلية التي وصلت إلى القضاء، وتراجعتنافسيته للبيجيدي، وظهور توجهين داخل الحزب، الأول يدعو إلى التحالف مع البيجيدي والقطيعة مع معاداته،ويمثله عبداللطيف وهبي وفاطمة الزهراء المنصوري، والثاني متشبث بإيديولوجية معاداة البيجيدي ورفض التحالفمعه، ويمثله الأمين العام حكيم بنشماش. أمام هذا التراجع لم يعد البيجيدي يرى في البام خطرا عليه، وربما يفكرفي دعم توجه داخله يميل إلى التصرف ببراغماتية.
أما التطور الثاني، فهو قرار الأمانة العامة للبيجيدي التحالف مع البام لتشكيل مجلس جهة طنجة، في 28 أكتوبر،وهو حدث له أكثر من دلالة، لأنه أتى بعد ابتعاد إلياس العمري عن تسيير مجلس الجهة، بعد ابتعاده عن قيادة البام،وبالتالي طَي صفحة إحدى الشخصيات المثيرة للجدل التي شنت حربا لا هوادة فيها ضد البيجيدي منذ تأسيسالبام، وأيضا لأن الدعوة إلى التحالف أتت باقتراح من البام، وتحديدا من تيار عبداللطيف وهبي. وبالتالي، فإنالبيجيدي بموقفه هذا يضرب عصفورين بحجر واحد، فهو يدعم تيار وهبي، من جهة، ويضمن من جهة ثانية، المشاركةفي تسيير إحدى أكبر الجهات وأغناها في المغرب، بعدما تم إبعاده عنها رغم النتائج المهمة التي حصل عليها فيانتخابات 2015. أما المعطى الثالث، فهو بروز منافسة قوية للبيجيدي من طرف التجمع الوطني للأحرار ورئيسهعزيز أخنوش، الذي دخل منذ أشهر في حملة انتخابية سابقة لأوانها. فالخطر لم يعد قادما من البام، وإنما من حزبالأحرار الذي يلوح من الآن بأنه سيفوز بالرتبة الأولى في انتخابات2021، فرغم تحالفهما الحكومي إلا إن البيجيدييراقب تحركات الأحرار وحملاته واستقطابه للأعيان، ويسعى إلى المواجهة بتكثيف لقاءاته عبر الجهات وبالتلويحبالتحالف مع البام في 2021، لكن هذا التحالف سيبقى رهينا بالتطورات داخل هذا الحزب وبنتائجه في الانتخاباتالمقبلة..